
وقد نشر هذا الاكتشاف في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society، ويتوقع أن يقدم أدلة مهمة حول كيفية تشكل المجرات في بدايات الكون.
اكتشف علماء الفلك للتو واحدًا من أكبر الهياكل الدوارة المعروفة في الكون: وهو خيط كوني يمتد لحوالي 50 مليون سنة ضوئية. داخل هذا “الخيط” الضخم من المادة المظلمة، وهو جزء مما يسمى بالشبكة الكونية، تكمن سلسلة رفيعة جدًا من 14 مجرة غنية بالهيدروجين. pic.twitter.com/tCA6ErwyXW
— إريكا (@ExploreCosmos_) 6 ديسمبر 2025
ولفهم أهمية هذا الاكتشاف، يجب أولا استيعاب طبيعة الخيوط الكونية. فهذه الخيوط هي أكبر الهياكل المعروفة في الكون، حيث تمتد لمئات الملايين من السنين الضوئية، وتشكل الهيكل العظمي للكون المرئي. وتتكون هذه الخيوط أساسا من المادة المظلمة الغامضة التي تشكل نحو 85% من مادة الكون، بالإضافة إلى المجرات والغازات المنتشرة على طولها.
وتعمل الخيوط الكونية كطرق سريعة كونية، حيث تقوم بتوجيه تدفقات الغاز البارد نحو تجمعات المجرات، ما يغذي عملية تشكل النجوم والمجرات. ومن دون هذه الخيوط، سيصبح الكون عبارة عن توزيع عشوائي للمجرات دون بنية واضحة. لكن ما كشفته الدراسة الجديدة هو أن بعض هذه الخيوط لا يقتصر على توجيه المادة فحسب، بل يدور أيضا حول محوره، ما يضيف بعدا جديدا تماما لفهمنا لديناميكيات الكون واسعة النطاق.
واستخدم الفريق البحثي بقيادة جامعة أكسفورد مجموعة متطورة من التلسكوبات والمسوحات الفلكية، أهمها تلسكوب MeerKAT الراديوي في جنوب إفريقيا، وهو أحد أكثر التلسكوبات الراديوية حساسية في العالم، ويتألف من 64 طبقا راديويا متصلا.
ومن خلال مسح MIGHTEE العميق للسماء، تمكن العلماء من رصد 14 مجرة غنية بغاز الهيدروجين، مرتبة في خط رفيع بشكل مدهش داخل خيط كوني أكبر. وهذا الخط الرفيع، الذي يشبه شفرة حلاقة كونية، يبلغ طوله نحو 5.5 مليون سنة ضوئية وعرضه نحو 117 ألف سنة ضوئية فقط، ما يجعله هيكلا متناهيا في الرقة بمقاييس الكون.
والخيط الكوني الأوسع الذي يحتوي هذا التركيب الرفيع يمتد لنحو 50 مليون سنة ضوئية ويحتوي على أكثر من 280 مجرة إضافية. لكن الأكثر إثارة هو أن غالبية المجرات في هذا الخيط الرفيع تدور في نفس الاتجاه، وهو أمر غير متوقع إذا كانت اتجاهات الدوران عشوائية.
وما يجعل هذا الاكتشاف استثنائيا حقا هو وجود حركتين دورانيتين متزامنتين. أولا، تدور المجرات الفردية حول محاورها الخاصة، تماما كما تدور مجرتنا درب التبانة. ثانيا، و هذا هو الجديد، يدور الخيط الكوني بأكمله ككتلة واحدة.
ولتوضيح هذه الفكرة، استخدمت الدكتورة لايلا يونغ، الباحثة الرئيسية في الدراسة، تشبيها بليغا: “يمكن تخيل الأمر كلعبة فناجين الشاي في مدينة الملاهي. كل فنجان شاي (يمثل مجرة) يدور حول نفسه، بينما المنصة بأكملها (الخيط الكوني) تدور أيضا. وهذه الحركة المزدوجة تمنحنا نافذة نادرة على كيفية اكتساب المجرات لدورانها من البيئة الكونية المحيطة”.
وأظهرت القياسات الدقيقة أن المجرات على جانبي محور الخيط تتحرك في اتجاهين متعاكسين، وهي السمة المميزة للدوران الجماعي. وباستخدام نماذج ديناميكية متطورة، قدر الفريق سرعة دوران الخيط بنحو 110 كم في الثانية، كما حددوا نصف قطر المنطقة المركزية الكثيفة بنحو 163 ألف سنة ضوئية.
ويبدو أن هذا الخيط الكوني ما يزال في مرحلة مبكرة من تطوره، حيث يتميز بوفرة المجرات الغنية بالغاز الهيدروجيني – المادة الخام لتكوين النجوم – وبحركته الداخلية البطيئة التي يصفها العلماء بحالة “البرود الديناميكي”. وهذه الخصائص تجعله مختبرا طبيعيا فريدا لدراسة المراحل الأولى من تطور المجرات.
ولا تقتصر أهمية هذا الاكتشاف على الفهم النظري فحسب، بل تمتد إلى الجوانب التطبيقية أيضا. فالمجرات الغنية بالهيدروجين تعمل كأدوات تتبع مثالية لمراقبة كيفية انتقال الغاز عبر الخيوط الكونية، ما يساعد العلماء على فهم آلية انتقال الزخم الزاوي عبر الشبكة الكونية وتأثيره على بنية المجرات وتشكل النجوم فيها.
المصدر: ساينس ديلي
إقرأ المزيد
تنويه من موقعنا
تم جلب هذا المحتوى بشكل آلي من المصدر:
yalebnan.org
بتاريخ: 2025-12-27 05:15:00.
الآراء والمعلومات الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي موقعنا والمسؤولية الكاملة تقع على عاتق المصدر الأصلي.
ملاحظة: قد يتم استخدام الترجمة الآلية في بعض الأحيان لتوفير هذا المحتوى.
